📁 آخر الأخبار

روايه طفله الثابت الفصل الخامس بقلم أسماء محمد

 روايه طفله الثابت الفصل الخامس بقلم أسماء محمد

روايه طفله الثابت الفصل الخامس بقلم أسماء محمد


روايه طفله الثابت الفصل الخامس بقلم أسماء محمد


روايه طفله الثابت

 الفصل الخامس

 بقلم أسماء محمد



الفصل الخامس 


وعشنا في الخيالات، سئمنا مرّ واقعنا… يموت الحلم في يدنا، وخلف ضياعه ضعنا.

ندعو الله في ألم، ونطمع أن يعوّضنا، أن يجبر كسرنا يومًا، أن يسعدنا وينهض بنا.

نسير في الحياة، فلا نجد فيها راحة… دروبها كلها تعب، ضِعنا في أراضينا.

هكذا هي الحياة، نعيشها في كبد.

لكن، هل يستويان: التعب والراحة؟ الظلم والجَبر؟ الحزن والفرح؟

لا والله… لا يستويان أبدًا.

فرحمة الله وسِعت كل شيء، ورحمته بنا عظيمة.



---


نبدأ قصتنا…


مرّ الليل بسلام على "ريناد"، بعد تعب وذُلٍّ عانته مع زوجة أبيها.

نامت قريرة العين، مطمئنة القلب، موقنة أنها لن تصحو على صوت "سماح" من جديد.

وفي نفس المنزل، في غرفة "ثابت"، كان الأرق يطرده.

شيء ما كان يُقلقه… يُشغل تفكيره…

كيف هدأت نغزات قلبه القوية بمجرد أن سمع صوت "ريناد"؟ كيف اطمأن حين رأى وجهها؟

ظلّ يتساءل: لماذا هي؟ وكيف حدث ذلك؟

وكلما خطرت صورتها في باله، استغفر ربَّه، وحاول أن يبعدها عن خياله، حتى غلبه النوم بعد محاولات كثيرة.



---


جاء الصباح، حاملاً معه الأمل والتفاؤل.

استيقظت "ريناد" لصلاة الفجر، توضأت وصلّت بخشوع، ثم جلست تقرأ وردها اليومي…

لكن هذه المرة، كانت تقرؤه براحة قلبٍ وإقبال روح.

استوقفتها آية:

"ولسوف يعطيك ربك فترضى"

فابتسمت… يا لجمال هذه الآية!

تهدّئ القلب، وتمنحه صبرًا…

اصبر، ستُؤجر. وارضَ بقضاء الله، واحتسبه عنده… فمن ترك شيئًا لله، عوّضه الله بخيرٍ منه.

أنهت وردها، وعادت إلى النوم بهدوءٍ تام.



---


في غرفة مراد…


كان "مراد" يتحدث مع زوجته "ميرال" عن اقتراحه لـ"ثابت" بالزواج من "ريناد"، كي تشعر بالراحة في البيت، دون حرج أو شعور بالعبء.


ميرال (برجاء):

– والله فكرة حلوة… يا ريت يوافق. نفسي أشوف عياله قبل ما أموت.

مراد (بفزع):

– بعد الشر عنك يا عمري!

ميرال (بحب):

– الموت علينا حق…

مراد (بدهاء):

– يومي قبل يومك إن شاء الله… وبلاش نجيب سيرة الموت تاني.

ميرال (بهدوء):

– حاضر… بس هتقنعه إزاي؟ هو كل ما نجيب سيرة الجواز بيرفض… ده حتى مبيقعدش معانا.

مراد (بثقة):

– المرة دي غير… متقلقيش.



---


في الصباح، استيقظ "ثابت" على صوت هاتفه…


ثابت (بصوت مبحوح):

– السلام عليكم، مين؟

معتصم (ممازحًا):

– وعليكم السلام! معتصم يا عم، لسه نايم؟ نسيت عندنا شغل؟

ثابت:

– الساعة كام؟

معتصم (بضجر):

– تمانية! قوم بسرعة، في اجتماع مهم.

ثابت (بهدوء):

– عشر دقايق وهكون جاهز.


قام "ثابت"، أتمّ روتينه الصباحي، وارتدى ملابسه، ونزل من الدور العلوي…

في نفس اللحظة، كانت "ريناد" تنزل أيضًا.

تنهّد بخفوت، وألقى السلام وهو يغضّ بصره.


ريناد (بصوت رقيق):

– وعليكم السلام.


نزل الاثنان بخطى هادئة، لكن واضحة، كأنهما قادمان من عالم آخر…


في الصالة، كانت "ميرال" تجلس بجوار "سما"، بينما "مراد" يحتسي قهوته.


ثابت (بهدوء):

– صباح الخير.

ريناد (بخجل):

– صباح الخير.

مراد (بابتسامة):

– صباح النور يا ولاد.


ثم نظر إلى "ريناد" نظرة حنونة:


مراد (بلطف):

– صباحك رضا يا بنتي… تعالي اقعدي معانا، واعتبرينا أهلك. البيت ده بيتك، وكلنا هنا أهلك وأخواتك… فاهمة؟


ريناد (بعينين دامعتين):

– ربنا يخليك يا عمي…


ميرال (مقتربة منها):

– مفيش كلمة "عمي" دي… قوليلي "ماما". من النهاردة أنا أمك… وإنتِ بنتي.


لأول مرة منذ سنوات، سمعت "ريناد" تلك الكلمة… قلبها ارتجف، لا خوفًا، بل شوقًا.


سما (بابتسامة):

– وأنا أختك! تعالي نتفرج على المسلسل سوا، ده لسه في أول حلقة… ومراد هيزعّلنا لو مش بنتفرج سوا!


ضحكت "ريناد" ضحكة خفيفة، لكنها دافئة… ضحكة من وجدت أمانها.


"ثابت" كان واقفًا يتأمل المشهد… شيء داخله تغيّر.

كان متأكدًا… البنت دي مختلفة.



---


في الشركة


دخل "ثابت" وهو يرتدي بدلة بسيطة، أنيقة دون مبالغة.

هيبته سبقت خطاه.


السكرتيرة (قائمة من مكانها):

– صباح الخير، باشمهندس ثابت.

ثابت:

– صباح النور، اي عندنا اليوم؟

منى:

– الاجتماع الساعة ٩، و باشمهندس معتصم مستني حضرتك في المكتب.


دخل مكتبه، فتح اللابتوب، راجع العرض…

ثم دخل عليه "معتصم" بابتسامة، يحمل ملفًا:


معتصم

– جاهز للاجتماع الكبير؟

ثابت (من دون أن يرفع عينيه):

– مستنيكم… العرض لازم يطلع مظبوط.

معتصم

– كل حاجة تمام، بس بند التوريد محتاج تفاوض.

ثابت (بجدية):

– لا تفاوض على الجودة… يلتزموا أو ننسحب.


معتصم (ضاحكًا):

– هو ده ثابت اللي نعرفه.



---


دخل "ثابت" قاعة الاجتماعات، فبدأ حديثه:


– صباح الخير… قبل ما نبدأ، كل واحد يقول رأيه، عندي فريق، مش أوامر.


مهندس شاب (اسمه حسام):

– شايف إننا ممكن نستخدم الذكاء الاصطناعي لتقليل الهدر وتحسين الكفاءة.


ثابت (باهتمام):

– حضّر لي عرض تفصيلي خلال أسبوع… ولو نافع، نبدأ.


الاجتماع كان مليئًا بالنقاش والتفاعل…

كل فرد شعر بقيمته… وهذا ما ميّز "ثابت".


معتصم (خارجًا معه):

– الناس بتحبك يا ثابت… بتحترمك علشان بتسمعهم.

ثابت:

– اللي يحترم الناس، يُحترم… وإحنا بنبني بيت تاني مش مجرد شركة.



---


في المساء


عاد "ثابت" للبيت بعد يوم طويل.

هدوء لطيف في المنزل… لا موحش، بل مريح.


رأى "ريناد" جالسة على الأريكة، و"سما" بجوارها، يشاهدان برنامجًا.


سما (بحماس):

– أبيه السكره… حمد الله على السلامة!

ثابت (بلطف):

– الله يسلمك يا سيمو.

سما (بمزاح):

– فين الشوكولاتة بتاعتي؟

ثابت (ضاحكًا):

– مش بتنسي أبدا!


أخرج من جيبه قالبين شوكولاتة، ناولها إياهم، فقبلت خده.

"ريناد" كانت تراقب المشهد…

تمنت لو كان لها أخ مثله… لكنها حمدت الله، ورضيت بما قسم.



---


ميرال (خارجة من المطبخ):

– اتأخرت النهاردة.

ثابت (مقبلاً جبينها):

– كان عندي شغل كتير.

ميرال:

– أبوك مستنيك في المكتب… عايزك.

ثابت:

– حاضر… جهّزي العشاء، جعان جدًا.



---


دخل على والده بعد الاستئذان.


ثابت:

– السلام عليكم… حضرتك عايزني؟

مراد (بهدوء):

– وعليكم السلام… اقعد، لازم نتكلم.

ثابت (بقلق):

– في إيه؟

مراد (بتريث):

– وجود "ريناد" في البيت ممكن يسبب لها حرج… ومش من محارمك.

أي نظرة منك لها… حرام.


ثابت (متوجسًا):

– تقصد إيه؟

مراد (بجدية):

– أقصد إنك تتجوزها.


ثابت (بصدمة):

– إيه؟!



--ثابت (بصوت منخفض، فيه تردد وارتباك): – يعني… أنا أتجوزها؟ أنا و… ريناد؟


مراد (بحزم لكن بلين): – أيوه. البنت ملهاش حد، ولو فضلت عايشة وسطنا كده، هتتعب. الجواز هيسترها، ويطمنها… وإنت راجل عاقل، وعارف ربنا.


ثابت (مشدوه، بيحاول يستوعب): – بس… أنا كبير عنها بكتير، وبعدين معرفش عنها حاجة.


مراد: – السن مش مشكلة… وأنت شوفتها بعينك. محترمة، متربية، ومش طالبة حاجة من حد.


ثابت (بتنهيدة): – أنا مش ضد… بس خايف أظلمها. مش عايز أكون حمل تقيل على قلبها.


مراد (بحنان): – صدقني، البنت دي محتاجة حد يحتويها… ولو فيه ذرة إعجاب في قلبك ناحيتها، يبقى اتوكل على الله.


ثابت ما ردش… سكت، وهو بيحس بقلبه بيرجع يدق تاني… صوتها، ضحكتها الخفيفة، ارتباكها لما بتشوفه… كل ده رجع قدامه كأنه بيتشاف لأول مرة.


مراد (بصوت هادي): – صلي استخارة… وربك يكتبلك الخير.



---


في غرفة "ريناد"…


كانت قاعدة على سريرها، بتمشط شعرها قدام المراية الصغيرة. وشها فيه هدوء نادر، بس عينيها بتخبّي أسئلة كتير.


دخلت "ميرال" بهدوء، وقعدت جنبها.


ميرال (بحنان): – مبسوطة هنا؟


ريناد (بابتسامة خفيفة): – جدًا… حاسة إني لأول مرة في أمان.


ميرال: – الحمد لله… وربنا يرزقك راجل يستاهلك، ويصونك.


ريناد (بخجل): – هو فيه حد ممكن يفكر فيا؟ أنا… مش زي البنات التانية.


ميرال (بحدة خفيفة): – بلاش تقولي كده تاني. إنتي أحسن من ألف واحدة بعينيها… قلبك نضيف، ولسانك طيب، وربك كريم.


ريناد (بهمس): – نفسي أعيش حياة هادية… من غير خوف ولا ذل.


ميرال (بابتسامة راضية): – وهتعيشيها… بإذن الله.



---


في الليل…


ثابت كان قاعد في البلكونة، بصيص في السما. صمت طويل، ونفس عميق، ثم قام وتوضّى، وصلّى ركعتين استخارة. ودعاء خرج من قلبه:


– "يا رب… لو فيها خير لي، لديني ودنياي، فاكتبها لي… ولو فيها شر، فاصرفها عني، واصرفني عنها، وارضني بما كتبت."



---


اليوم اللي بعده…


ثابت دخل على والده، وقال بصوت هادي، لكنه واثق:


– لو هي موافقة… أنا موافق.


مراد (بعين فرحة): – ربنا يتمم على خير يا بني… هكلمها وأشوف ردها.


ثابت (بقلق خفيف): – قولها تفكر، وتاخد وقتها… أنا مش مستعجل.


مراد (بابتسامة واسعة): – بس أنا حاسس إن الرد هيكون أسرع مما تتخيل.


تعليقات