الفصل الاول روايه الضفه الغربيه بقلم الكاتبه فريده الحلواني
الفصل الاول روايه الضفه الغربيه بقلم الكاتبه فريده الحلواني
روايه الضفه الغربيه
الفصل الاول
فريده الحلواني
أصوات الغ*ار*ة الجوية أصابت الجميع بالهل*ع
صر*ا*خ الأطفال أصبح يضاهي صوت القن*اب*ل
و النساء اللائي ينمن بكامل ثيابهن حتى وشاح الرأس يعقدونه بإحكام حتى إذا انهال عليهم الض*رب ليلا يكونوا مستورين
كل أم احتضنت أطفالها كي تخبأهم داخل ضلوعها كي لا يصيبهم مكروه ...منهم من نجى و منهم من انهار البيت فوق رأسه فأضحى شهيدا تحت الركام
صرخ*ت هدنة و التي تعيش مع أمها و ثلاث أخوات هن سميه و هاجر و وعد ...بينما أخويها الرجال انضموا للمق*اوم*ة فأصبحت رؤيتهم تكاد تكون معدومة
هدنة: الله ينتقم منهم...الله ياخدهم ...الله قادر عليهم
صاحت الأم و تدعى سميرة: تعالي بسرعة، نطلع من الدار... راح يوقع فوق روسنا
ردت عليها بتصميم : والله ما أنا طالعة من البيت... بم*وت تحته، وما بخليهم يطلعوني منه
لكن سميه و هي أصغرهن تبلغ من العمر عشر سنوات: ما بدي أم*وت يا هدنة... والله ما بدي أم*وت
ضمتها بحنان ثم قالت: لا تخافي يا حبيبتي، ما راح نم*وت إن شاء الله... الله يخليلي إياكي. إهدي يا بابا، إهدي... خلص، وقف الض*رب
وعد بحزن : لَ متى راح نظل هيك؟ ليش ما نهاجر زي غيرنا؟
نظرت لها هدنة بغضب ثم قالت : هاي أرضنا، وما راح نتركها للاحتل*ال... راح نرويها بد*م*نا لحد ما يرجع الزيتون ينبت من جديد... أوعي تحكي ها الحكي مرة ثانية، فاهمة؟
تدخلت سميرة بحنو : أختك صغيرة، ما بتفهم بها الأمور... إهدي يا بابا، وفسّريلها بالرواء
هاجر و التي بلغت العشرون عاما : إحنا راح نظل هون، يا هدنة... ما راح نفوتها للص*هاينة
بيوم من الأيام، راح نحررها، ونصلي فيها من غير ما نخاف، وننام وإحنا مرتاحين
سميرة: أكيد زادوا القص*ف عشان يمنعونا نصلي الجمعة بالأقصى... بدهم يوقفونا
وعد : المعابر بالأصل مسكرة، ماما... مستحيل حدا يعدّي منها، إلا بالحالات الصعبة كتير، وبيفتشوا تفتيش مش طبيعي،
ولا بيسمحوا لأي سيارة توصل للمعبر. لازم الكل ينزل قبلها بكيلو، أقل شي
هاجر أهل الضفة والخليل، كلهم راح يروحوا يصلوا... كلهم متفقين، الله يحميهم
هدنة بغموض: الجبناء خايفين من لمتنا... شكلنا وإحنا بنصلي بخوفهم. بس هانت، إن شاء الله، وراح يختفوا من هون
نظرت لها سميرة بوجل ثم قالت : تقصدي إيش؟ ... في إشي راح يصير؟
ردت بتسويف : ما بعرف يا ماما، أنا عم بخمن بس
داخل أحد البيوت السرية التابعة للم*خابر*ات العامة المصرية
يجلس بشرود يقلب في صورها التي التقطها لها منذ سنين
منذ أن دق قلبه لها و كانت آن ذاك لم تكمل السابعة عشر من عمرها
كانت شامخة شموخ قبة الصخرة ....عنيدة مثل شجرة الزيتون التي ما زالت ثابتة فوق أرض تمطر رصاصا
جميلة مثل بدر أنار السماء في ليلة مظلمة
و رقيقة مثل نسمة هواء أنعشت الروح وسط حر الصحراء
كان وقتها في إحدى مهامه السرية داخل الأراضي المح*تلة ...دخل هناك بصفته طبيب و كانت هي ترافق أختها التي أصيبت بج*روح أثناء إحدى الغارات الغاشمة
أعجب بصلابتها رغم انهيار أمها و صعوبة الموقف
بل كانت تساعد الجميع و تشد من أذرهم
ظل يتابعها طيلة فترة علاج هاجر أختها ...و بذكاء علم كل شيء عنها سواء من أمها أو بعض الجيران المتواجدون هناك
ظل عاما يراقبها من بعيد إلى أن تأكد من عشقه لها ...بدأ في الاقتراب منها رويدا رويدا
و حينما شعر بما داخلها نحوه رغم جهادها في إخفاؤه
تحول إلى جندي باسل و قرر أن يقتحم أرض المعركة و يعترف لها بكل شيء
فاق من شروده على صوت رفيقه جلال و الذي قال بشفقة: مش ناوي تنسى يا صاحبي ..كفاية سنين عمرك الي راحت ع الفاضي ...عشر سنين و انت بتحب سراب كفاية كده
نظر له بحزن ثم قال : بس هدنة مش سراب يا جلال ...دي الحقيقة الوحيدة الي في حياتي و الي لا يمكن اتنازل عنها
كاد أن يرد عليه إلا أنه لبس ثوب القوة المعروف عنه و أكمل : مش هتبقى لغيري لو صبرت باقي عمري ...هتبقى ليا
المهم ...قاسم على وصول جهزت الي مطلوب منه
جلال : كله جاهز فاضل على التنفيذ
بس أعتقد إن المرة دي غير كل مرة
صحيح انت برضوا مقولتليش إزاي قاسم زهران وافق يشتغل معانا
ابتسم و قال : قاسم ده تركيبة غريبة بس أهم حاجة فيه إنه راجل بجد و لو قال كلمة استحاله يرجع فيها مهما كانت الظروف
جلال : المرتين الي اتعاملت معاه فيهم حسيت بكده جدع الصراحة
أحمد : كنا عارفين إنه من أكبر تجار الس*لاح و شغال مع الماف*يا الروسية...حتى كان متجوز أوديت الدراع اليمين لرئيس الماف*يا هناك و خلف منها ولد ...بس تاب من غير ما يتمسك عليه غلطة
و لبس كل حاجة لعمه...ده ليه قصة لوحده مش وقتها
المهم اتأكدنا إنه بقى ماشي في السليم و قطع كل علاقته بالتجارة دي
لكن في مرة كنت في اجتماع مع نضال و عرفت إن دخلهم سل*اح ...طبعا مينفعش يخبي عليا ضغط عليه عشان يقولي
و في الآخر عرفت إن قاسم زهران بيمد المق*اومة بالأس*لحة على حسابه الشخصي مش تجارة
جلال باستغراب : معقول طب ليه يدفع كل ده و إيه الي وصله للمق*اومة أصلا
أحمد : كان بيهرب سل*اح لبعض الدول الي فيها نزاعات أيام ما كان شغال
و في مرة قابل نضال و بقى بينهم صحوبية من وقتها بيبعتلهم سل*اح حتى لما تاب موقفش دعمهم
جلال : و طبعا زعل لما عرف إن نضال طلع سره
أحمد: أكيد لأني روحتله و فتحت الموضوع معاه مباشرة من غير لف و لا دوران ...اتجنن وقتها بس شرحت له الموقف و إننا كان لازم نعرف على الأقل عشان أمانه و أمانهم ....من وقتها و بقى أي شغل بكون على علم بيه و برتب معاه الخطة الي هيمشي عليها
جلال : يعني تقريبا زي سلمان الحربي بس ده بيبعت ليهم أكل و أدوية و مساعدات
أحمد : بالظبط كده ...شكلي هخليهم يتعرفوا على بعض لأن هيسهل عليا حاجات كتير
بعد قليل من الوقت حضر قاسم زهران و بعد أن رحبوا به ....جلس على أحد المقاعد و قال بغضب : انت مش شايف إن الموضوع زاد عن حده يا أحمد ...الناس بتم*وت كل يوم
و الكل واقف يتفرج طب و بعدين
رد عليه أحمد بتعقل: أعتقد إنك بقالك سنتين تعرفني و شايف إننا مش ساكتين سواء الي بيتعمل في السر أو في العلن
قاسم بغل: طب ليه مش موافق تدخلهم أس*لحة تقيلة على الأقل تساعدهم شوية ...السل*اح الي معاهم مش هيصد قدام الصه*اينة الي كل يوم أمريكا بتمدهم بأحدث الأس*لحة و المعدات
تدخل جلال في الحديث قائلا : هندخلهم دبابات و لا طيارات يا قاسم ما هو بالعقل ....كل حاجة ليها حدود و لو عملنا أكتر من الي بنعمله هنتكشف و إحنا الي هندخل في حرب
زفر قاسم بحنق ثم قال : لو الكل اتحد و حطينا إيدينا في إيد بعض هنقضي عليهم بس للأسف كل واحد بيدور على مصلحته و مصلحة بلده ....العرب بقوا بيتفرجوا و بس كل الي بيتعمل نشجب و ندين ....الناس بتتصفى و مفيش حد عنده ذرة ضمير
أحمد: عندك حق بس برضوا في لعب من تحت الترابيزة مش كله بيظهر في العلن
إن شاء الله هنقضي عليهم ...المهم عملت إيه
تطلع له قاسم بجدية و قال: كله تمام ....يلا بينا
في مكان مظلم تحت الأرض لا يضيئه غير مصابيح صغيرة بالكاد تجعل المرء يرى أمامه فقط
داخل إحدى الغرف الباردة ...جلس نضال مع رفاق دربه و الذين تخلوا عن مباهج الحياة و عاشوا أسفل الأرض بملئ إرادتهم
تركوا بيوتهم و عائلاتهم بل تخلوا عن الدنيا و ما فيها من أجل قضيتهم التي يعلمون جيدا أنهم سيدفعون أرواحهم ثمنً بإيمانهم بها
نضال : أنا مو موافق على اللي بيصير هذا
يعقوب : ومين فينا يرضى فيه؟ بس القيادة موافقة، وراح تعمل اللي إيران بدها إياه
رد علي بغضب : إحنا مش راح نسمح أبدًا نكون لعبة في إيديهم، يحركونا حسب مصالحهم الشخصية
نضال: السيد حسن فهم لعبتهم، وبرغم إن حزبه هو الذراع الأيمن إلهم، إلا إنه بيدير اللعبة بعقله هو، وما بيسمح إلهم يتحكموا فيه ولا في قواته
تدخل نذير قائلا : لبنان اتدمرت، بس لو ما كان الحزب مسيطر على الأمور هناك، كان زمانهم احتلوها من زمان.
إسر*ائي*ل همها الأساس تنزع الس*لاح منا ومن حزب الله عشان تقضي على أي مق*اومة عربية
نضال بغل وده اللي مش راح نسمح فيه... د*م الشهداء كان ثمن رفضنا تسليم السل*اح، ولآخر نفس فينا، هنم*وت وإيدنا على سلا*حنا
يعقوب إحنا جهزنا كل شيء زي ما حكيت... الشباب في انتظار الإشارة
نضال لسه ما تأكدتش من وجوده هناك منتظر مكالمة كمان ساعة، وحسبها بنتحرك
علي : يوم السبت راح نوزع المساعدات زي كل مرة عشان الصهاينة يكونوا بأجازة ... اتفقت مع إخوتنا على طريقة جديدة ينقلوا فيها الأكل لأهالينا عشان ما حدا يكشفهم
هز نضال رأسه برضا ثم قال بيقين : ربنا بيلهمنا دايما اللهم لك الحمد
داخل مدينه الخليل مهد سيدنا إبراهيم عليه السلام و قد سميت الخليل نسبة له
يوجد مجموعة من الصهاينة يسمون المستعربين .... عبارة عن رجال تعلموا لهجة المكان أو المدينة التي سيقيمون فيها ...يعلمون عاداتهم و تقاليدهم ....يعلمون كل شيء
يدسهم الاحتلال وسط أهالي البلدة و كأنهم منها لا أحد يستطع كشفهم ...و من هنا ينقلون للموساد كل شيء يحدث بين الناس
يستغلون أصغر معلومة أو أي حديث يقال بالصدفة أمامهم ثم يقومون بتوصيلها للموساد و على أساسها تتم عمليات الإغت*يالات أو قص*ف منطقة معينة بعد أن يخبروهم بوجود أحد المناضلين فيها
داخل أحد المحال التجارية و التي يملكها أحد هؤلاء المستعربين..
اسمه اليهودي شمعون يوحنا ...لكنه أطلق عليه إبراهيم و عرف به وسط المدينة على أساس أنه أتى من غزة هربا من القص*ف المستمر و قرر الإقامة في مدينة الخليل
جلس مع صديقه اليشع و الذي سمي بأحمد ...قال بحيرة: في إشي غلط
نظر له بعدم فهم و قال : مش فاهم، شو في؟
شمعون : في حركة غريبة اليوم في الحي... وبيت أبو علي طلبوا مني علبتين جبنة زيادة غير السكر
اليشع : ممكن عندهم ضيوف؟
هز رأسه برفض ثم قال: لا، ما شفتش حدا جديد داخل الحي... اللي خلاني أشك، إن بيت عبد الرحمن وياسر وإسماعيل طلبوا نفس الحاجات، مع اختلاف الكمية.
اليشع بلهفة: كده فعلاً في إشي غلط... الكلام ده صار إمتى؟
شمعون : صار له ساعتين
انتفض اليشع من مجلسه وقال: لازم نبلغ القيادة بسرعة! أكيد في حد من الكلاب دول هنا، وناوي على خطف جنودنا أو اغتيال حد منا
إنتشرت القوات الصه*يونية حول المسجد الأقصى كي تمنع المصلين من أداء صلاة الجمعة في ساحات المسجد كما اعتادت دائما ...لكن اليوم كان مختلف تماما عما سبقه
اليوم هو جمعة الشهيد....و قد انطلقت دعوات منذ عدة أيام للتجمع هناك و عمل مظاهرة بعد الصلاة تنديدا لقتل عدد من الأطفال و الشباب جراء القص*ف الغاشم على أحد الأحياء السكنية
تلك التجمعات يخشاها العدو الجبان ...يقابلهم بالرصاص و يقابلوه بالحجارة ...يوما ما ستتحول إلى حجارة من سجيل تقضي عليهم مثلما قضت على جيش أبرهة الذي حاول هدم الكعبة قديما
كان المشهد حقاااا ...مرعب
شباب و نساء بل شيوخ و أطفال جميعهم متشحون بالوشاح الفلسطيني ....ملئوا ساحة الأقصى و هم عزًل لا يملكون سلا*حا لكن صوت زئيرهم و هم يهتفون ضد الاحتلال ...دب الرعب في قلوب من يملكون أحدث الأس*لحة
بمجرد أن انتهت الصلاة هجموا عليهم بطريقة وحشيه ...من يقع في يدهم يبرحونه ض*ربا ثم يعتقلونه
يجروه فوق الأرض بمنتهى القسوة و الغباء
نال أحد الشباب ضر*با بعصى أحد الجنود جعل الد*م ينزف من رأسه التي فتحت جراء قوة الضربة
وقفت مجموعة من النساء يق*ذفون عليهم حجارة كي يتركوه لكن الجبناء استطاعوا الإمساك بواحدة منهم
لم يهتموا كونها أنثى ...و لم يتذكروا حقوق المرأة و احترامها الذي دائما ينادي الغرب بهم
قاموا بسحلها أمام الجميع ...نحمد الله أن النساء هناك دائما ما يرتدون بنطالً أسفل ثيابهم كي يستروا أجسادهم من هؤلاء الجبناء
إعتقلوا الكثير من الشباب و الفتيات ...لكن في نفس الوقت ...و في أحد الشوارع المحيطة بالأقصى
يفتح باب حديدي صغير أسفل إحدى الأشجار ...تخرج منه عينان تراقب الطريق جيدا ...تركز على شيء ما و في لحظة ..........
$$$$$$$$$