روايه موسي الفصل العشرون بقلم فريده الحلواني
روايه موسى البارت العشرون بقلم فريده الحلوانى
الله يمهل ولا يهمل.. يمهلنا كثيرا علنا نرجع عما نحن فيه ولكن حينما يجدنا نصر على السير في طريق الشيطان يأخذنا أخذ عزيز مقتدر.
كانت فاطمة تشعر ببعض التعب وبطبيعة الحال محمد لا يتحمل عليها شيء فهو يعشقها حقا وإن لم تكن تبادله.. قرر أخذها إلى إحدى المستشفيات كي يطمئن عليها وبعد أن تم فحصها من جهة الطبيب قال باهتمام: يعني هي كويسه يا دكتور؟
الطبيب: ايوه يا حاج هو الضغط بس واطي شويه والنقط الي هكتبلها عليها هترفعه
محمد: الحمد لله كنت خايف تكون حاجه كبيره
خرج معها يسحبها بتمهل أشعرها بالحنق فقالت ساخطة: خلاص يا حاج في ايه؟ حد قالك اني اتشليت!
محمد بلهفة: بعيد الشر عنك.. انا ماشي بالراحه عشان متدوخيش يا بطه
فاطمة بعدم اهتمام: متخافش انا زي القرده اهو انت بس الي بتكبر المواضيع
بمجرد أن خطا بها خارج باب المشفى وقف ينظر لها ويقول: ده جزاتي ان خايف عليكي يا بطه؟
وقبل أن يكمل حديثه كانت تلوح بيدها أمامه عينيه بلامبالاة بل وتمر من امامه كي تتركه يقف وحيدا ويشاء القدر أن تنقذه بتلك الفعلة من موت محتم دون قصد منها وتلقت هي الرصاصة التي اخترقت قلبها وأودت بحياتها في الحال!
انقلب محيط المشفى رأسا على عقب, الجميع يهرول.. منهم مَن يصرخ لطلب المساعدة ومنهم مَن لمح الذي قام بفعل ذلك فصرخ بمَن حوله حتى يسرعوا خلفه ويمسكون به.. أما الذي كتب له عمر جديد كما يقولون فكان في حالة صدمة جلية أفاقه منها المسعفون الذين حضروا سريعا كي يحاولوا إنقاذها
أحدهم قال: وسع يا حاج خلينا نرفعها
تمالك حاله بشق الأنفس كي يتحرك إلى الخلف.. وضعوها فوق فراش نقال وأسرعو بها إلى الداخل أما سائقه الذي شاهد كل هذا قام بالاتصال على أحد رفاقه وحينما رد عليه قال بجزع: ديشا اجري قول للزعيم مرات ابوه اضربت بالنار
ديشا بذعر: يا نهار اسود! انتو فين وازاي ده حصل؟
السائق: انت لسه هتحقق روح بلغ الجماعه بسرعه احنا في مستشفى ....
هرول الشاب تجاه البناية ثم بدأ يهتف باسم موسى ويقول: يا زعيم.. يا ريس موسى الحق في مصيبه
بينما الآخر ترك آمه وأخذ يقفز فوق الدرج بقلب وجل وبمجرد أن فتح الباب الخارجي قال: في أي؟
ديشا: الحاجه ام شهد.. اضربت بالنار
جحظت عينا موسى بصدمة ودون تفكير رفع رأسه للأعلى كي يتأكد أن صغيرته لا ترى ما يحدث من شرفتها.. زفر بهم وقال بعدما بدأ يتحرك ويخرج هاتفه: تعالى معايا قولي ايه الي حصل
ديشا: معرفش اكتر من الي قولته يا زعيم
قام بمهاتفه إخوته وإخبارهم بما حدث وقد أخبره علاء أن أباه كان معها وقد حاول الاتصال به طوال الطريق ولكنه لم يتلقَّ ردا منه.. وصلوا جميعا إلى المشفى وعلموا ما حدث.. وجدوا الشرطة أيضا قد حضرت كي تعاين مكان الحادث بعدما ألقوا القبض على الفاعل وقف مع أبيه التائه وإخوته أمام غرفة العمليات والتي لم تغلق أكثر من ساعة ثم خرج الطبيب إليهم وقال بأسف: البقاء لله, شدوا حيلك
قبل أن يمتصوا الصدمة كانوا يتلقون واحدة أخرى إذ وضع محمد يده فوق قلبه حينما شعر بألم رهيب فيه ومن ثم وقع فاقدا وعيه في الحال.. انتفض موسى ومن معه ذعرا عليه
صرخ بوجل: دكتوور..شيل معايا يا علاء.. ابوك وقع
انتشر الخبر مثل النار في الهشيم.. خيم الحزن على الحي مراعاة لتلك العائلة المكلومة أو خوفا من بطشهم
جلست ريهام وحياة ومعهم ياسمين يحاولن أن يهدئوا تلك التي انهارت من الحزن والبكاء وتصرأ تذهب لترى اأها التي ماتت دون أن تصالحها
حياة بتعقل: اهدي يا حببتي مش هينفع تنزلي لوحدك.. الدنيا مقلوبه والحكومه هناك
شهد بانهيار: انا عايزه اشوف امي.. عايزه امي.. طب هي كده غضبانه عليا؟ عايزه اقولها تسامحني بس انا معملتش حاجه وربنا هي الي سابتني.. بس انا مسمحاها, عايزه اشوفها.. الله يخليكم ودوني ليها
اتصلت ياسمين بزوجها عدة مرات إلى أن رد عليها قائلا: ايه.. في ايه لكل ده؟
ياسمين: لو موسى عندك قوله شهد مصممه تيجي المستشفى ومحدش قادر عليها
علاء بغلب: قوللها تسيبه في حاله وتترزع في ام البيت.. مش وقت دلع.. ابويا وقع من طوله وجاتله ازمه قلبيه وجلطه فالمخ..
ضربت ياسمين على صدرها وقالت بفزع وصوت عالٍ جعلهن ينتبهن لها: يااااا مصيبتي! استرها معانا يا رب.. طب هو حالته ايه دلوقت؟
علاء بحزن: الدكاتره لحقو الازمه القلبيه ودلوقت بيحاولو يدوبو الجلطه عشان جامده
أغلقت معهم وقالت: عمي جاتله جلطه وازمه قلبيه
ريهام: لا حول ولا قوه الا بالله.. ايه الي بيحصل ده يا ربي؟
التفتت لصديقتها وقالت بحكمة: شهد حببتي كلنا حاسين بيكي وعارفين الي جواكي, بلاش عشان خاطرنا احنا.. عشان خاطر جوزك يا حببتي زمانه بيلف حوالين نفسه دلوقت وربنا الي اعلم بيه.. اصبري وهو اكيد هايجي ياخدك عشان تودعيها
**
وزوجها يقف مع الضابط وعلى وجهه غضب العالم بعدما علم هوية القاتل
الضابط: الحمد لله ان السواق بتاع الحاج لمحه وصرخ عشان الناس تلحقو قبل ما يهرب.. كان مستخبي ورا كشك قديم وكان قاصد الحاج مش المدام
موسى بشر: هو فين؟
الضابط: راح القسم عشان النيابه تبدا تحقيق معاه وحاليا.. انا اسف بس لازم نتحفظ على الجثه لحد ما الطب الشرعي يشرحها ويطلع التقرير
موسى: طب لازمته ايه بس يا باشا؟ ماهو كل ده معروف
رد عليه بعملية: دي اجراءات لازمه عشان التحقيق والمجرم ياخد جزاؤه
هز رأسه بعدم اهتمام لآخر كلمة وهو ينظر لإخوته الذين فهموا ما ينوي عليه وبالطبع سيكونون معه قلبا وقالبا
اقترب منه علاء بعد رحيل الضابط وقال: الجماعه خاربين الدنيا فالبيت وعايزين ييجو
نظر له باستفهام فأكمل: عيالك الجداد يا زعيم انت توهت ولا ايه!
قال بقوة وهو يخرج هاتفه من جيبه: لا فايق واوي كمان.. لما نجيب حق الي راحت وابوك الي وقع من طوله نبقى نتوه براحتنا بقى
ظل يتصل بها ولم يجد ردا فاتصل على هاتف أخته وبمجرد أن ردت عليه قال: اديني البت
حياة ببكاء: ابويا عامل ايه؟ طمني ياخويا والنبي
موسى: كويس.. اخلصي عشان معايا ناس
مدت يدها لشهد وهي تقول: خدي جوزك عايز يكلمك
التقطت الهاتف سريعا ثم وضعته فوق أذنها وقالت بهمس باكٍ: موسى.. امي!
أغمض عينيه حزنا على نبرتها التي فطرت قلبه ثم قال بمهادنة: الله يرحمها.. لو ليا خاطر عندك يا حبيبي اهدي واقعدي لحد ما اطمن على ابويا واجيلك.. الدنيا مقلوبه هنا حكومه ورجاله جايه تقف معانه.. مش هينفع حريم تيجي خالص
شهد بانهيار: كنت عايزه اسلم عليها
موسى: هخليكي تشوفيها والله بس مش انهارده.. لسه مش هتدفن دلوقت
شهد بوهن: انت هتيجي امتى؟ انا خايفه
رد سريعا: هخلص واجي.. متخافيش انا معاكي وهفضل جنبك.. خلي تليفونك في ايدك وانا كل شويه هكلمك.. عشان خاطر حبيبك يا صغنن اهدي واجدعني عشان اعرف اركز فالي انا فيه
لم تفهم معنى حديثه بل ردت عليه بشجاعة واهية: خلاص والله مفيش حاجه.. انا هسكت اهو وهستناك تكلمني
بعد أن أنهى معها حديثه كان يتمنى أن يترك كل شيء ويهرول لها كي يأخذها داخل أحضانه يطمئنها أنه معها ولكن تطلع حوله ليرى كم الرجال الذين أتوا كي يكونوا معهم في ذلك الموقف العصيب كعادة المناطق الشعبية.. وفي ظل ازدحام رأسه بالكثير مما ينتوي فعله وجد الطبيب يخرج إليهم من غرفة العناية المركزة التي يقبع داخلها أبوه.. وقف قبالته وسأله بوجل: ايه الاخبار يا دكتور؟
الطبيب بأسف: للاسف احنا حاولنا ندوب الجلطات بس لان عددها كان اكبر من احتماله خاصه مع سنه الكبير اثرت على الجزء الايسر من الجسم
موسى بنفاذ صبر: هات من الاخر عشان افهمك.. ابويا جراله ايه؟
الطبيب: شلل نصفي
نزل الخبر على الجميع كالصاعقة.. كان منذ ساعات قليلة يقف على قدميه بمنتهى التجبر بل طغى على أقرب الناس إليه.. يا الله ما أضعفك يا ابن آدم!
هز رأسه بهم ثم قال: طب مفيش علاج؟ هيفضل كده طول عمره!
الطبيب: اكيد هيمشي على علاج ده غير جلسات العلاج الطبيعي بس مع تقدم السن ممكن ميرجعش زي الاول.. وفي النهايه احنا بنعمل الي علينا وكله بايد ربنا
*
مر يومان لم يذق أحد طعم النوم.. الشباب مقيمون داخل المشفى بجوار كبير العائلة والنساء اتشحت بالسواد وفتحت أبواب المنزل كي تتلقى واجب العزاء.. أما شهد فقد كانت حبيسة بيتها.. لم تقوَ على رؤية أحد.. مازالت تحت تاثير الصدمة.. لا تصدق أن أمها ماتت دون حتى كلمة وداع أو حتى مسامحة ولكن السؤال هنا مَن كان يجب عليه أن يسامح مَن؟
اصطحب معه حسين كي يذهبا إلى النيابة العامة كي يطّلعا على ما وصلت إليه التحقيقات وايضا يستلمان تصريح الدفن بعد أن أمرت النيابة بذلك
الضابط: الي كان مقصود الحاج مش المدام وانا بلغتك بده من الاول في التحقيق المبدأي
موسى بغل مكتوم: واعترف ولا شال الليله لوحده؟
زم الضابط شفتيه بغيظ ثم قال: حاولنا معاه كتير بس هو صمم على اقواله
حسين باستهزاء غاضب: وايه السبب الي خلاه يفكر يقتل الحاج؟ كان مستلف منه فلوس ومرجعهاش؟ ولا كرشو من الشغل الي مكانش شغاله عندنا اصلا؟
الضابط بوجل فهو يعلم تفكيرهما جيدا: مش عارف.. بس انا من راي تقفلوا الحكايه على كده.. الي قتل اهو محبوس وهياخد جزائه يبقى ملوش لازمه تفتحوا نار محدش هيعرف يطفيها البلد مش ناقصه
نظر له موسى ببرود ثم قال وهو يهم بالمغادرة: طبعا امال ايه! بعد اذنك عندنا ميت لازم يدفن.. مش اكرام الميت دفنه ولا ايه
*
ها قد حانت اللحظة الأصعب بالنسبة إليه.. توجّه إلى البيت كي يبدل ثيابه التي بقيت عليه يومين ويعود بعدها ليقيم مراسم دفن فاطمة والأهم هو اصطحاب حبيبته معه كي تودع أمها قبل أن تذهب إلى مثواها الأخير.
بمجرد أن دلف البيت وجدها تجلس بشرود وسط الفتيات ومن الواضح أن دموعها جفت.. رفعت بصرها حينما سمعت اسمها يخرج منه بشجن.. نظرت له بحزن واحتياج وصراخ مكتوب يأبى الخروج.. انسحب الجميع بهدوء تاركين له المجال كي يواسيها بل ويحتويها.. اقترب تجاهها بتمهل بعدما سمع الباب يغلق.. جلس على عقبيه أمامها
كوب وجهها بحنان ثم قال: عيطي, اصرخي, انا جتلك وحضني مفتوحلك يا شهدي.. ارمي كل الي جواكي فيه, انا جنبك وهنعدي كل ده سوا
لم تفكر مرتين.. هذه هي اللحظه التي كانت تنتظرها بل تحتاجها أكثر من الهواء.. دفنت رأسها داخل صدره.. أمسكت ثيابه بقوة وظلت تصرخ بقهر وحزن وهي كاتمة كل ذلك داخل ضلوعه.. ضمها بقوة واحتواء.. لم يتفوه بحرف بل تركها تخرج كل ما بداخلها علها ترتاح.. ظلت هكذا فترة حتى بح صوتها.. ابتعدت قليلا ثم نظرت له وقالت من بين دموعها: عايزه اشوفها.. هطلب منها تسامحني حتى لو كانت هي الي مزعلاني, كان نفسي احضنها يا موسى.. بس اصلا طول عمرها حرماني من حضنها كنت كل ماكون محتجالها اعمل نفسي بهزر واحط راسي على صدرها
شهقت بقوة وأكملت: عارف كانت بتعمل ايه؟ تزقني بعيد وتقولي غوري صدري واجعني.. لو عايزه فلوس ادخلي خدي من الدرج مش لازم المحلسه.. ببقى نفسي اصرخ واقولها انا محتجالك انتي, محتاجه امي.. بس مكنتش بقدر, مكنتش هتفهمني
ظل يمسح دموعها بحنان ويستمع لها باهتمام وبعد أن صمتت قال هو بعشق خالص: الله يرحمها ويسامحها, ربنا عوضك بحضن مش هيساع غيرك يا شهدي.. انا امك وابوكي واخوكي حتى هكون ابنك الي هيدلع عليكي.. وعد مني قدام ربنا مش هخليكي تحتاجي لحد ولا تحسي ان ناقصك حاجه طول مانا عايش
نظرت له بشكر وامتنان فأكمل: يلا يا حبيبي عشان تلحقي تودعيها انا سبتهم يغسلوها فالمستشفى وجيت اغير واخدك معايا
تمت مراسم الدفن وسط صراخ النساء وانهيار شهد التي ودعتها بكلمات انفطر لها قلب حبيبها.. وها هم آل النجار يقفون صفا واحد أمام سرادق عزاء كبير يستقبلون المُعزيين الذين أتوا من كل حدب وصوب.
وقف شامخا وكأنه يرسل رسالة للجميع مفادها موسى الزعيم لم ولن يتغير مهما حدث.. وقد وصلتهم الرسالة جيدا
أما بالأعلى فقد اضطرت شهد رغما عنها أن تجلس وسط النساء كي تستقبل التعازي في أمها فهي ابنتها الوحيدة.. لم تهتم بنظرات تلك الحقيرة والتي لم تكف عن التهامس مع النساء ومن الواضح للجميع أن الحديث عليها هي
اقتربت تهاني منها وقالت بغضب مكتوم: لمي نفسك يا سمر.. الي بتعمليه ده عيب الناس جايه تعزي وتمشي.. ليه تخليهم يطلعوا يجيبوا سيرتنا؟ هو احنا ناقصين؟ كفايه المصايب الي اتحدفت علينا فجاه
ردت عليها بغل دون أن تهتم لصوتها المسموع للجميع وقد وجدتها فرصة كي تنتقم من غريمتها: انا متكلمتش يا عمتي, بدل ما تلوميني انا عشان قهرانه على خراب بيتي.. روحي لمي الي كانت السبب في كل البلاوي دي
هل تتحمل تلك الشرسة ما يحدث؟ لا فقد ساقها الله إليها كي تخرج ما بداخلها من غل وحزن.. في لحظة كانت تنتفض من مجلسها وتنقض عليها ساحبة إياها من شعرها.. لا تعلم من أين جاءت بكل ذلك السباب الذي خرج من فمها.. حاولوا الجميع فصلها عنها ولكنها كانت متشبثة بها بقوة.. أما تلك الحقيرة لم تجد حلا لتدافع به عن نفسها غير ضربها بقوة فوق رأسها مستخدمة الجبيرة الصلبة الملتفة حول ذراعها الذي قارب على الشفاء كسلاح لها..
في نفس اللحظة كانت تخرج من شهد صرخة متألمة مع نزيف دمها الذي خرج من رأسها بغزارة.. وتزامنا مع كل هذا كان موسى يقف أمام أدهم ينظر له بوعيد تاركا يده الممدودة في الهواء
نظر لكفه الممدود ثم نظر له وقال: ......
ماذا سيحدث يا تري
سنري
متنساش ان الروايه موجوده في قناه التليجرام
والواتساب
للانضمام لجروب الواتساب
(اضغط هنا)
يمكنك للانضمام لقناه التليجرام
1/ ( اضغط هنا)
و للانضمام علي جروب الفيس بوك
1/ ( انضمام )
👆👆👆👆
📚 لقراءه الفصل الثاني من هنا ♡♡♡
✍️ لقراءه رواية موسي الجزء الاول كامل اضغط هنا👇
👈روايه موسي الجزء الاول كامله👉
انتظروووووني
بقلمي / فريده الحلواني