رواية موسي الفصل الواحد و العشرون بقلم فريده الحلواني
رواية موسي البارت الواحد و العشرون بقلم فريده الحلواني
رواية موسي
الفصل الواحد و العشرون
بقلم فريده الحلواني
ليس معنى التوبة أن نصبح ضعفاء أو نترك حقنا.. لا ننكر أن بعدها يتملكنا بعض الهدوء والتعقل.. نصبر كثيرا على مَن يعتقد أنه تطاول علينا ولكن إن زاد عن الحد المسموح به لا يلومن إلا نفسه.. هو مَن حضّر العفريت وعليه أن يصرفه!
نظر إلى يد أدهم الممدودة إليه بارتعاش ثم نظر له ببرود خرج من الجحيم ثم قال: متوضي, مينفعش المس حاجه نجسه.. ثبت نظره بقوة وقال بتهديد صريح: بس حرقها
ارتعب أدهم مما قيل.. فهو اعتقد بما أن رجله الذي كلفه بقتل محمد لم يعترف عليه بعدما وعده بالتكفل بعائلته غير أنه سيحضر له أكبر المحامين للدفاع عنه.. هكذا أنقذ حاله من براثن الوحش فأراد أن يأتي ليقدم واجب العزاء ظنا منه أنهم سيتقبلوه وبهذا يطمئن ولو قليلا أنه لم يطاله بطش الزعيم.. ولكن هيهات! هو مَن أخرج الوحش الكامن بداخله
أدهم برعب حاول أن يخفيه وأيضا أراد ان يستدر عطف الجميع الذين يشاهدون ما يحدث بوجل
قال بمعاتبة: ليه كده يا زعيم؟ ده جزاتي ان جاي اقف جنبكم فالمصيبه دي؟ أكمل بشماتة مبطنة: دانا لسه كنت ناوي اروح المستشفى ازور الحج بعد ما سمعت انه اتشل
لن يثير أعصابه ولن يعطيه الفرصة كي يخرب عزاء زوجة أبيه فالذي يجهزه له أكبر من أن يلكمه أو يبرحه ضربا أمام الجميع
موسى بهدوء خطر: ثانيه, لو لقيتك لسه قدامي متلومش غير نفسك
أعقب قوله بتجاهله تماما وقام بمصافحة أحد المعزين الذي حضر توا
تحرك أدهم بغضب جم خارج السرادق مع رجاله الذي كان يصطحبهم
مال حسين عليه وقال بهمس: ناوي على ايه؟
رد ببساطة دون توضيح: هحرقه
انتهى اليوم العصيب والذي أرهقهم كثيرا بعدما انفض المعزّون
رغم وقوفه بكل شموخ وهيبة طوال اليوم إلا أن قلبه كان يؤلمه من شدة قلقه على صغيرته.. بمجرد أن صعد إلى بنايته توجه أولا إلى أمه كي يطمئن عليها.. يعلم أن موقفها صعب للغاية.. هي حزينة على حالها يعلم ذلك, يعلم أن كل ما يدور بداخلها الآن.. هل كان يعشقها إلى ذلك الحد؟
لم يلتفت إلى المتواجدين حينما لم يجد شهد معهم, اتجه إلى أمه وقبّل رأسها أمام الجميع بإجلال ثم قال بمغزى فهمته جيدا: عامله ايه يام الزعيم؟ شكلك تعبتي انهارده, بس انا عارف انك طول عمرك جدعه وبت اصول وهتشيلي الدنيا من غير حتى ما تقولي اي
سالت دموعها بعدما فهمت ما يقصده ولدها البكر.. هزت رأسها بحزن ثم قالت: اطمن يابني.. كل حاجه هتمشي زي ما اتعودنا
ومن بكره بإذن الله هقعد في العزا لحد العصر كده وبعدها حد فيكم يوديني لابوك
تهاني: متشغليش بالك يا ماجده.. في بدل الوحده خامسه يستقبلو النسوان.. لو عايزه تروحي لجوزك من بدري روحي يا حببتي
قبل أن توافقها الرأي وجدت لواحظ تقول بشماتة: تلاقيها قهرانه مالي حصل.. حقها جوزها اتشل من زعله على ضرتها
نظر لها موسى بغضب ثم قال: كلمه تاني تتوجه لامي هقطع لسانك ساااامعه؟
ارتعبت من صراخه ولم تتفوه بحرف واحد والعجيب أن تلك الحرباء تجلس منكمشة رعبا من يبلغه أحد أنها قامت بضرب شهده بل أصابت رأسها بجرح رغم أنه ليس غائر إلا أنها تعلم أنه لم يقبل أبدا أن تمس ولو بخدش صغير
نظرت لها ياسمين بغيظ ثم مالت عليها قائلة بشماتة: وشك اصفر من الرعب دلوقت؟ احمدي ربنا ان البت دماغها متفتحتش.. كان زمانه شقك نصين وكويس ان صوت القران كان عالي ومحدش اخد باله من الصويت
سمر برعب وغل: ماهي المزغوده هتقوله.. معقول تفوت فرصه زي دي من غير ما تبخ سمها
نظرت لها ياسمين بغيظ ولم ترد عليها عاملة بالمثل الدارج قلة الكلام مع الغبي راحة
صعد إلى بيته بقلب لهيف, وجدها تجلس بحزن وشرود مع صديقتها وحياة.. نظر لهما بمعنى أن يتركاهما لحالهما تحركا بهدوء مغلقين خلفهما بهدوء.
تقدم منها ثم جلس جانبها وسحبها بحنو لداخل أحضانه فانكشمت مثل الطفل الذي يشعر ببرودة وسقيع ينخر في عظامه.. ضمها بقوة حانية.. قبّل رأسها بعشق ثم قال: عارف ان حقك تحزني.. خصوصا انها ماتت وانتو متخاصمين بس يا حبيبي مينفعش تشيلي نفسك الذنب.. هي الي موقفتش جنبك في اكتر وقت كنتي محتجالها فيه
شهقت بحزن ثم قالت: عارف.. انا عماله اراجع حياتي من وانا صغيره بدور على اي موقف حسستني فيه انها امي.. انت وبابا محمد الي كنتو مسؤلين عني.. دلعتوني.. محستش ابدا اني يتيمه الاب.. فالوقت الي هي كانت مشغوله انها ثتثبت مكانها وانها كبيره البيت وبابا اداها كل الحق في ده من حبه فيها.. كان فاكر انه هيكسبها ويخليها تحبه
بكت بقهر ثم أكملت: لا دي كمان لما لاحظت ان بقيت قريبه من عمتو وبكلمها ديما بهدلتني ومنعتني اني احكلها حاجه.. طب انتي مخدتيش مكانها ليه طيب؟ يعني ولا انتي صاحبتيني ولا سابتني اقرب من عمتو.. لقيت نفسي تايهه يا موسى.. طول الوقت قاعده في اوضتي ماسكه الفون.. ادخل في جروبات ناس غريبه, اتفاجات ببنات بتتكلم عن حاجات مكنتش اعرفها وانا فضوليه حبيت اجرب الي بيتكلموا عنه وجربت فعلا لحد ما بقيت مش عارفه انا بعمل كده عشان حابه الموضوع ولا عشان افرغ شحنه الغضب الي كان جوايا
ضحكت بقهر رغم دموعها المنهمرة وهي تكمل: تصدق بالله.. في مره قولت لنفسي يا بت كلميها.. اعملي نفسك بتساليها فروحت قولتلها يا ماما في بنات في المدرسه بيتكلمو عنها هي دي ايه؟ بدل ما تفهمني وتوعيني ضربتني بالقلم عى وشي! لحد دلوقت صدي صوته بيرن فوداني.. قالتلي ايه الفجر الي بقيتي فيه ده يا بت؟ انتي عايزه تشمتي مرات ابوكي فينا؟ يبقى هي ربت بتها وانا معرفتش اربيكي؟ اياكي تنطقي الكلام ده تاني.. وفعلا من يومها منطقتش الكلام ده ولا غيره معاها.. عشت حياتي قافله على نفسي بعمل الغلط واتباها بيه قدام حياة وريهام, كنت لما بكلمك وانت فالسجن كنت عارفه انك فاهمني.. بس كنت بستعبط, كنت حابه احساس الحمايه الي فرضته عليا حتى وانت بعيد, بقيت اعد الايام عشان ترجع تاني وتبقى معايا مش عشان اعترفلك بحبي بس لاااا عشان كنت واثقه انك هتحميني حتى من نفسي.. بكت بقوة وهي تكمل: كنت خايفه اوي يا موسى.. كنت محتاجه حد يطمني.. حد يقولي انا معاكي.. حد يعلمني الصح من الغلط, عامله نفسي شبح ولساني اطول مني.. بس من جوايه اجبن من الجبن, اجبرتني عالمذاكره.. انا اصلا بحب التعليم.. بس كان نفسي اكون بعمل كده بمزاجي مش اجبار منها ويا ريتها كانت بتجبرني عسان مصلحتي لا عشان تحقق حلمها فيا.. مره قولتلها يا ماما انا بحب الرسم هدخل ادبي عشان انا عايزه ادخل فنون جميله, كنا فوق السطح كنت في اولى ثانوي, مسكت شعري لفته حوالين ايديها وضربتني اكني عدوتها وكل الي طالع عليها هتبقي دكتوره يا هتبرى منك أمسكت ثيابه بقوة وكأنها تحتمي به ثم قالت: انا مش وحشه يا موسى.. انا عارفه اني غلط كتير بس بقول يمكن لو كانت وجهتني ومسابتنيش لشيطاني ودماغي يمكن مكنتش غلط كل الغلط ده.. متسبنيش يا موسى.. انا مليش غيرك
ضمها بقوة نابعة من عشقه لها.. كان صامتا كي تخرج كل ما في جوفها علها ترتاح قليلا.. قال بنبرة تقطر عشقا: حد يسيب روحه يا عسلي؟ دانتي الي رديتي فيا روحي يا بت, كلنا بنغلط محدش اتولد ملاك بس الغلط اننا منعترفش ونكمل فالغلط.. تعبك كان قلم جامد فوقنا كلنا يا شهد.. فيه الي اتعظ ورجع عن غلطه وفي الي لسه تايه مش لاقي بر يرسى عليه وفيه الي عمل نفسه مش اخد باله عشان عاجبه الحال الي هو فيها
أبعدها عنه بتمهل وكوّب وجهها كي يمسح دموعها التي أغرقته وهو يقول: ربنا بيحبنا يا بت.. والا مكنش ادانا الفرصه ديه عشان نرجع عن الطريق الهباب والدنيا الي كانت وخدانا
ثبت نظره داخل عينيها المليئتين بالحيرة ثم أكمل بيقين: هنكمل سوا وايدي مش هتفلت ايدك ابدا.. هتذاكري عشان انتي عايزه كده مش عشان حد جبرك.. هتنجحي, انا واثق فيكي.. انتي قويه يا عسلي.. هتكملي وهتقدري وبعدها شاوري.. بس شاوري على اي كليه نفسك فيها حتي لو بالفلوس هتكوني اول واحده مكمله فيها هنربي عيالنا بالحلال يا بت.. هتجبلهم اخوات شبهك ياخدو جنانك وشقاوتك وحلاوتك الي جننت امي ووقعتني على بوزي.. انتي توبتي الشيطان يا شهد, عشان انتي ملاك كان مستخبي وسط جهنم
ابتسمت.. حقا كل ما فيها يبتسم فرحا وعشقا وفخرا بحالها لأنها لأول مرة في حياتها تحسن الاختيار.. فإذا كان قلبها أجبرها على عشقه.. فكان للعقل القرار بالمحارة للوصول إليه
تنهدت براحة ليس فقط لإخراجها كل ما كانت تكتمه بل لمؤازرته لها واحتوائه وهي في أضعف حالتها.. أخذ بيدها بل وبثها القوة التي تحتاجها كي تكمل الطريق معه.. لفت ذراعها حول عنقه وطبعت قبلة عاشقة جامحة ممتنة ثم قالت: الحاجه الوحيده ال عملتها صح فحياتي هو عشقي ليك يا قلب عسلك.. اوعدك هكون قد ثقتك فيا.. انا انهرت في حضنك وطلعت كل الي جوايا وبردو اخدت القوه من حضنك
ابتعدت وكان دورها كي تحاوط وجهه بيدها الصغيرة وهي تنظر له بفخر وتقول بيقين: هنكمل سوا ومش هنسمح لحد يرجعنا تاني لورا ولا يفرقنا ابدا.. بعشقك, ولو هفضل افتخر بحاجه باقي عمري هتكون انت الحاجه دي يا موسى, هيكون عشقي ليك الي بيكبر مش بيقل
ابتسم ورد مازحا: انا بقول تدخلي الكليه الي بيطلعو منها شعرا دي مش عارف اسمها.. قرص خصرها وأكمل: طلعتي اجمد من نزار يا صغنن
ضحكت بهدوء ثم قالت: لا كفايه علينا نزار.. غمزت بشقاوة ثم أكملت بوقاحة: وانا بقى هرسم اشعاره الشمال
ضحك معها وقال: والله ما حد شمال غيرك.. طب وترسمي ليه سيبي الحكايه دي عليا
حملها برفق وهو كله رضا عن حاله لنجاحه في إخراجها من تلك الحالة التي كانت عليها واتجه نحو غرفتهم وهو يقول بغيظ مازح: طبعا لو قولتلك تعالي نرسم حاجه جديده هتفضحيني وتقوليلي.. قلد صوتها وهو يكمل: مفيش دم! امي دمها مبردش في تربتها وانت عايز تقل ادبك
نظرت له بذهول وهو يضعها فوق الفراش وقالت: هااا.. عرفت ازاي اني هقول كده؟
رد عليها بغيظ: عشان عارف بختي المنيل وحافظ دماغك يا حبيبي قبّل جبينها برفق ثم سحب الغطاء فوقها وقال بحنو: نامي يا حبيبي انتي تعبتي اوي انهارده....
أمسكت يده وقالت بخوف لا تعرف سببه: وانت رايح فين؟
ربت على كفها وقال: هروح اخد دش بسرعه واجيلك.. انا اصلا جسمي مدغدغ مش قادر اقف على رجلي بس مش هعرف انام بعرقي كده
بمجرد أن أغلق عليها الباب بعد ما اقتنعت بما قاله تحول وجهه إلى شيطان ينوي حرق العالم أجمع.. أخرج هاتفه ثم ضغط على شاشته كي يجد اسما ما.. ضغط على زر الاتصال بعدما وقف داخل الشرفة وأشعل سيجارة وبمجرد أن جاءه الرد قال: ايه الاخبار؟
_..........
موسى: حلو اوووي.. زي الفل, اثبت مكانك وعينك متغفلش لحظه لحد ما اتصل بيك
_.............
نظر موسى أمامه وكأنه يرى ما ينوي فعله وقال: بكره.. بكره هخلص كل حاجه عشان اقطع الصفحه دي من حياتي واحرقها جوه النار الي هتولع
**
بعدما تأكدت من خلود أهلها إلى النوم أخرجت هاتفها الذي تخبئه بعيدا عن أبيها واتصلت بحبيبها الذي كاد يجن من عدم قدرته على الوصول إليها منذ عدة أيام
شريف: ينفع كده؟ انتي مش عارفه اني هموت من قلقي عليكي
ريهام بهمس: انا اسفه والله غصب عني.. مانت عارف الي حصل
شريف: عارف وكنت في العزا من شويه.. بس بردو عالاقل كنتي ابعتي رساله تطمنيني عليكي فيها
ريهام: غصب عني والله.. الفون كان هنا وانا بقالي يومين ببات مع شهد.. مكنش ينفع اسيبها في الظروف دي
شريف: الله يكون في عونها بلغيها سلامي وتعازيه, وحشتيني يا ريمو
ردت بخجل: وانت كمان
شريف: انا عارف ان الوقت مش مناسب بس حبيت اقولك عالي عملته
ريهام بقلق: خير عملت ايه طمني؟
شريف: كلمت معلمين كبار فالمنطقه عشان ييجو معايا لابوكي للمره الي مش عارف عددها
ردت عليه بأسف: حقك عليا.. بس مش كنا متفقين تكلم موسى؟
شريف بتعقل: انا سايبو اخر كارت هقدمو لابوكي.. عايز اجيب اخره عشان ميفكرش اني بهدده بصاحب الشغل وكمان الظروف الي هو فيها متسمحش ابدا ان افاتحه في حاجه زي كده
ريهام: عندك حق, خلاص اصبر اسبوعين بس تكون الدنيا هديت وروحلو وانا هصلي وادعي ربنا يهديه
**
أتى اليوم التالي.. كان صباح مختلفا عن سابقه.. الكل يتحرك دون روح إلا هو.. كان يسير وسط الحي مصطحبا معه إخوته وكأنه ملك قد حرر أرضه من الاحتلال ولأنه الزعيم كان يضع خطة محكمة كي يأخذ حقه ممن انتوى بهم الشر.
وقف أمام أحد المحال المملوكة لهم وقال بصوت جهوري: كل الي داخل على جواز وظروفه مش سامحه بعفش ولا جهاز كل ده عندي وبلوشي كمان
ذهل الجميع مما سمعوا وقال أحدهم بعدم تصديق: الكلام ده جد يا زعيم؟
موسى بثقة: من امتى الزعيم قال كلمه مكنش قدها ولا رجع فيها؟
أخذ الناس يهللن له ويدعون بالكثير
وجّه حديثه لإخوته بمغزى فهموه سريعا: يلا يا ولاد النجار.. جه الوقت الي نعمل فيه حاجه صح, هاخد حسن ونطلع عالمخزن عشان نفرز البضاعه الي هتتوزع
نظر للجميع ثم أكمل: علاء والسيد هيسجلو اسامي العرسان على ما ارجعلكم
أنهى حديثه وانطلق مع حسين إلى وجهة مغايرة تماما لما قال
ماذا سيحدث يا تري
سنري
متنساش ان الروايه موجوده في قناه التليجرام
والواتساب
للانضمام لجروب الواتساب
(اضغط هنا)
يمكنك للانضمام لقناه التليجرام
1/ ( اضغط هنا)
و للانضمام علي جروب الفيس بوك
1/ ( انضمام )
👆👆👆👆
📚 لقراءه الفصل الثاني من هنا ♡♡♡
꧂ الفصل الثاني والعشرون ꧁
✍️ لقراءه رواية موسي الجزء الاول كامل اضغط هنا👇
👈روايه موسي الجزء الاول كامله👉
لقرءاه الفصل الثاني والشعرون
انتظروووووني
لقراءه روايه موسي كامله
بقلمي / فريده الحلواني