روايه طفله الثابت الفصل السادس بقلم أسماء محمدد
روايه طفله الثابت الفصل السادس بقلم أسماء محمد
روايه طفله الثابت
الفصل السادس
بقلم أسماء محمد
مرات مش بنلاقي الكلام اللي يعبر عن محبتنا لناس فقدناهم، وبس نفتكرهم ونفتكر معزتهم، بتفيض مشاعرنا وبيطلع معانا كلام من صميم القلب. وده بيعلمنا إننا نعيش كل لحظة مع اللي بنحبهم وكأنها آخر لحظة.
عيشوا حياتكم بما يرضي ربنا، وحبوا بعض. متخلوش الحقد والضغينة تدخل بينكم، سواء كنتوا صحاب، أهل، حبيبين، أو زوجين. استمتعوا بكل لحظة حلوة ومبهجة كأنها آخر يوم في حياتكم.
معلش طولت عليكم... خلونا نبدأ قصتنا.
---
في صباح اليوم التاني، الكل كان قاعد على الفطار. تنهد مراد وهو بيفكر: "هفَاتح ريناد إزاي وأطلب إيديها لثابت؟"
قطع شروده صوت ثابت:
– "بابا، محتاج حاجة؟ أنا ماشي."
– "حبيبي تسلم." – رد مراد بحنو.
بعد ما مشي ثابت، وجه مراد بصره ناحية ريناد وقال بهدوء:
– "ممكن نتكلم شوية بعد ما تخلصي فطارك يا ريناد؟"
ردت بخفوت:
– "حاضر يا عمو."
– "ما قولنا تقولي بابا." – قالها مراد بابتسامة.
– "حاضر... يا بابا." – ردت بخجل.
بعد شوية، لما خلصوا فطار، قامت ريناد تمشي مع مراد ناحية الجنينه. قبل ما يكملوا طريقهم، مراد وجه كلامه لميرال:
– "حبيبتي، ممكن تعمليلنا عصير وتبعتيه مع حد من الخدم؟"
– "حاضر يا حبيبي." – ردت ميرال بهدوء.
في الجنينه، قعدوا، وتنهد مراد وقال بتريث:
– "بصي يا ريناد... أنتي زي بنتي، وسعادتك بتهمني. وحابب أسلّمك بإيدي لحد يرضي ربنا فيكي، ويصونك."
– "مش فاهمة حضرتك تقصد إيه؟" – ردت بخجل.
– "الصراحة، ثابت طلب إيدك... وعايز يتجوزك."
سكتت شوية وقالت بخفوت:
– "بس هو ميعرفنيش، ومشفنيش غير من يومين! إزاي يطلب يتجوزني؟"
– "هو أعجب بيكي وبأخلاقك... وقرر يخطبك، وتتعرفوا على بعض أكتر. ولو ما ارتاحتيش، تقدروا تنفصلوا."
ردت بخجل:
– "مش عارفة يا بابا، أقولك إيه..."
دخلت ميرال بابتسامة واسعة وقالت:
– "خدي وقتك يا حبيبتي... وصلي استخارة، وبعدين قولي رأيك."
وقعدت جمبها وربّتت على إيدها بحنان.
مراد كمل بهدوء:
– "على مهلك، خدي وقتك في التفكير."
ريناد طلعت أوضتها تفكر في الكلام اللي سمعته، وهما سابوها وقلوبهم مليانة أمل إنها توافق، ويتجوز ثابت أخيرًا بعد اللي مر بيه وخلّاه يبعد عن فكرة الجواز.
---
في أوضتها، صلت ريناد استخارة، وقبل ما تنام مسكت دفترها – ملاذها الآمن – وبدأت تكتب:
“انتهت فترة من حياتي، وأنا على أبواب مرحلة جديدة... لا أدري، هل ستكون مبهجة؟ هل كل الحزن اللي عشته هينتهي؟ هل ده عوضك يا رب؟
هل هيقبلني بإعاقتي؟
هل هيداوي قلبي؟
هل هياخد بإيدي للجنة؟
هل وهل وألف هل...”
وأنهت سطورها بجملة كانت قريتها يومًا:
"دع أقدارك تمضي كما هي، ولا تحزن، ولا تهن. فالدنيا ما هي إلا رحلة نمضي فيها كراكب على دابته، إن حلت أرضًا انتهت... وما نحن فيها إلا غرباء."
قفلت دفترها، وحطته مكانه، ونامت.
---
في نفس الوقت، كان ثابت في شركته، شارد هو كمان، بيفكر في اللي هيحصل، مش عارف هل هيظلم ريناد معاه؟ ولا هتكون هي السبب اللي يغيّر فكرته عن البنات؟
قطع شروده دخول معتصم بدون ما يخبط:
– "يا ابني، ما تعرفش تخبط؟" – قالها ثابت بضيق.
– "لا، معفش!" – قالها معتصم بضحك – "بقولك إيه، هتقول لأبوك إمتى؟ أنا عايز أتجوز البت!"
– "اهدأ شوية... سما لسه صغيرة، وبابا مش هيوافق بسهولة."
– "نعم؟! أزعل بقى وأجيب ناس تزعل!" – رد معتصم بانفعال.
– "اهدأ يا زعيم، هقوله النهاردة... وأه، ماما بتقولك تعال اتغدى معانا."
– "أكيد جاي، مفيهاش كلام."
---
في عالم الأحلام، كانت ريناد بتحلم بأبوها وأمها، بيتكلموا معاها بحنان، وبيقولو لها توافق على الجواز من ثابت، لأنه هيعوضها عن كل ألم. صحت من النوم وهي بتبتسم، وقلبها مليان أمل.
“يا مانعي طيب المنام، ومانحي ثوب السقام، به وجدي المتلف، عطفًا على رمقي، ونا أبقيت لي من جسمي المضنى، وقلبي المدنف...”
---
في الأسفل، وصل ثابت ومعتصم، واللي داخل كالعادة بضحكه وصوته العالي، بس المرة دي الموضوع مختلف... عايز يكلم مراد عن خطبته لسما.
سألته ميرال بلُطف عن حاله، فرد:
– "زي الفل يا ميرو، متقلقيش."
– "يارب دايمًا يا حبيبي."
– "أنا بس اللي حبيبك!" – قال مراد بغيرة.
– "عيب يا عم، متغلطش!" – رد معتصم ضاحكًا.
مراد سأل:
– "فين ريناد؟ مش شايفها..."
ردت ميرال:
– "نايمة من بدري."
– "تمام... ابعتي حد يصحيها عشان الغدا."
– "أنا هروح أصحيها!" – قالت سما بحماس وطلعت فوق.
ضحكوا على جنونها، لكن معتصم كان عينه عليها... فوكزه ثابت وقال له:
– "عينك! احترم وجودنا!"
رد معتصم:
– "هكلم أبوك بعد الغدا، وانت حاول تقنعه معايا."
– "ربنا يستر ومايطردناش احنا الاتنين!"
– "هو أبوك صعب للدرجة دي؟"
– "في اللي يخص سما... جدًا!"
---
ريناد كانت قاعدة تقرأ، وشارده في قرارها... قطع شرودها صوت خبط عالباب وصوت سما:
– "رينو، أنتي صاحية؟"
– "ادخلي يا سما."
دخلت سما بمرحها المعتاد:
– "الله! أنتي بتقري كتب وأنا معرفش؟"
– "من وأنا صغيرة بروح المكتبة وبقرأ."
– "وأنا كمان بحب القراءة!"
– "وأخيرًا لقيت حد يشاركني هوايتي!"
– "بتقري لمين؟"
– "بحب الأدب الغربي جدًا، وبقرأ لموليير، فكتور هوجو، وأدب إغريقي. ومؤخرًا بدأت أقرأ للعرب والمصريين."
– "مش معقول! أنتي ملمة بأدب عظيم!"
– "وانتي؟"
– "بميل للروايات، وبقرأ لنجيب محفوظ، محمد طه، ومؤخرًا لكتابة اسمها فريدة الحلواني... أسلوبها رائع!"
– "حمستيني جدًا! هبدأ أقرأ لها... عندك رواية؟"
– "معايا كل كتبها، هننزل ناكل وبعدين أوريكي!"
ردت ريناد بهدوء، ونزلوا عشان الغدا.
قالوا بصوت واحد:
– "السلام عليكم."
ردوا عليهم:
– "وعليكم السلام."
وقعدوا يتغدوا في جو من الهدوء، والراحة، والضحك بين معتصم ومراد، وابتدت المرحلة الجديدة في حياة ريناد... ومين عارف، يمكن تكون أجمل من اللي فات.
بعد انتهاء الغدا
معتصم قال بتوجس:
– ممكن أتكلم مع حضرتك في موضوع مهم؟
مراد رد بقلق:
– خير يا ابني؟
معتصم بهدوء:
– خير، متقلقش.
ثابت تدخل بتروّي وقال:
– ممكن نتكلم في المكتب؟
وبصّ لأمه وقال:
– معلش يا ماما، اعملينا قهوة وابعتها لينا على المكتب.
ميرال ردّت بتوجس:
– حاضر يا حبيبي.
توجهوا كلهم للمكتب، وفور ما دخلوا، مراد قال بهدوء:
– سامعك... قول اللي عايزه.
معتصم اتلخبط شوية وبدأ يتلعثم:
– بص هو أنا... أنا...
مراد بصله بتوجس وقال بنبرة جدية:
– انطق! في إيه؟
فجأة، معتصم قال اللي في جُعبته مرة واحدة من غير تفكير:
– بصراحة... أنا عايز أتجوز بنتك.
مراد بصله بصدمة وقال:
– نعم؟!